الغرس

الغرس

السنوات الأولى للزواج هي بمثابة تسوية أرضٍ وتمهيدها للغرس، فإذا مهدْتَها بالود، والحنان، والتفاني، وجعلت اهتمامك بما تقدم وما تعطي وما تهب شريك عمرك من احتواءٍ واحترامٍ لا بما تأخذ، ولم تكن متعجلاً في تحقيق رغباتك ولو على حساب راحة ورغبات شريك الحياة، فاطمئن إلى غرسك الذي سيُزهر انسجاماً وحباً عميقاً،
وأماناً عاطفياً لكِلَا الزوجَين.
وكثيراً ما نجد زيجات تتعثر في أول سنوات الزواج بسبب إحساس كِلَا الزوجَين بالصدمة في تخيلاته عن الآخر، وكثرة مطالباته له، وعدم صبره أمام أي عيبٍ أو نقصٍ فيه.

فالزوجة تنتظر أضعاف ما كان من ودٍ وحبٍ وهيامٍ مما كان قبل الزواج، وتبتغي زوجاً بلا نقيصةٍ ولا عيبٍ، وتريده أن يُحضر لها الكنوز بين يدَيها ويجعلها سيدة تأمر فيطيع، والزوج ينتظر أن يرى زوجةً تفوق صفات البشر، لا تقصير عندها، ولا تعرف الفتور عن خدمته ورعايته، وتهب حياتها لإسعاده فقط بلا مطالبَ ولا احتياجاتٍ نفسيةٍ وإنسانيةٍ لها.
وهذا النموذج من الأزواج لا يحتمل أي انتقادٍ، ولا يقبل أي مطالباتٍ من شريك حياته.
كلاهما لا يشارك أو يحتوي أو ينصت إلى إحساس حبيبه حتى يفهمه ويقدر مشاعره ويتعلم كيف يستوعبها، فهو يبتغي حبيباً يحقق له رغباته ويُرضي غرور أحلامه،

لكنه لا يتنازل عن أي شيءٍ ليرضي هذا الإنسان الذي يعيش لأجل إسعاده.

والحقيقة أن الحياة الزوجية عكس ما يفهم هؤلاء،
فما هي إلا تضحياتٌ مشتركةٌ من شخصَين يترك كل منهما شيئاً ليتقدم خطوةً نحو الآخر حتى يذوب كِلَا الكيانَين ويصبحا كياناً واحداً.
حينها لن يشعر كلٌّ منهما بتعبٍ وهو يقدم بحبٍ ما يُرضي حبيبه، وتكون سعادته أن يرسم دوماً على وجهه ابتسامةً.

المقال السابق

القادم بوست

أكتب تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

arالعربية