الرفق

الرفق

يحتاج البشر إلى ما يعينهم على حياتهم وما يخفف عنهم همومهم، ويتمنون أن يجدوا من يطمئنهم ويدعمهم ويقدم لهم العون والسند
بلا مقابلٍ، ومن يقدم تلك الأشياء لغيره يفز بقلوبهم ويكن موضع ثقتهم وتقديرهم. فمن يُهدي الناس الرفق ولين الطباع يمنحهم الطمأنينة.
الرفق خُلق عظيم يُدخل الود والتسامح في القلوب ويجعل أصحابه أهل محبةٍ وثقةٍ عند الناس، لذا يغدو الرفق بابًا للجنة وخلقًا للمؤمنين الصادقين. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على سواه) صحيح مسلم،

(إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على سواه) صحيح مسلم،

(إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله) صحيح ابن ماجه

(إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله) صحيح ابن ماج

ولا يتعامل بغلظةٍ أو يسيء الكلام، ولا يسمح لنفسه بإيذاء مشاعر غيره، ولو كان ينصحهم أو يدعوهم لخيرٍ،
فنفوس الناس لن تقبل منه ما دام قاسيًا فظًّا في حديثه. يقول تعالى:

(ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك) سورة آل عمران الآية 159.

وحتى عندما يكون الإنسان في أشد حالات الغضب، أوصانا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم بكظم الغيظ وعدم الغضب. قال رجلٌ للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال:

: (لا تغضب) فردّد مرارًا (لا تغضب) صحيح البخاري.

وفي رواية أخرى

(لا تغضب ولك الجنة) صحيح الجامع

فالغضب أصل الشرور في نفس الإنسان، وهو يجعل المرء
لا يرى الأمور على حقيقتها ولا يستطيع التحكم في نفسه فتنفلت أعصابه ويذلّ لسانه بما يندم عليه لاحقًا.

أما أصحاب الفضل الذين يمنّ الله عليهم بالرفق، فتكون طباعهم هادئة يتحكمون في النفس ويمسكون زمام صبرهم
فيكونون قادرين على كظم غيظهم وعلى العفو عن غيرهم
ليكونوا من المحسنين؛ أهل محبة الله ورضاه،
وذلك ليس بيسيرٍ سوى على من يسّره الله له وهداه إليه.
يقول تعالى:

: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) سورة آل عمران الآية 134،

نجد الكثير من الآيات والأحاديث تأمرنا بالرفق وترشدنا إليه وإلى الإحسان للناس؛ مُحسنهم ومُسيئهم، وإلى العفو عن الناس.

فلماذا نجد هذا الاهتمام الكبير بالرفق والإحسان في شريعتنا
وفي سنة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم.
لأن الرفق ببساطةٍ يفتح القلوب الموصدة ويلين القلوب القاسية
ويفتح فى النفس طاقات النور فيجعلها قادرةً على استقبال الخير
وإدراك نور الإيمان، وحتى أكثر الناس غلظة وقساوة لا يمكنهم
أن يردوا على الرفق بالسوء، حتى وإن أرادوا فسيكون موقفهم مخجلًا.
وقد يكون رفق إنسان ولين طباعه سببًا في هداية آخر وحبه للطاعات والتزامه بأخلاق الإسلام. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(حُرِّم على النار كل هينٍ لينٍ سهل قريبٍ من الناس) صحيح الجامع.

في المقابل لو أراد الإنسان أن ينصح الناس بما فيه خيرهم وصالحهم،
ولكن بغلظةٍ وشدةٍ، فسينفرون منه ويصدّون عنه ويغلقون قلوبهم قبل آذانهم.

وكذلك الرفق والسماحة في البيع والشراء جعلها الله بابًا لرضا الله وطاعة له، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى) صحيح البخاري.


أولئك الذين يكرمهم الله بالكرامة الغالية بكظم الغيظ وكبح جماح الغضب -مهما كانوا على حقٍّ ومهما آذاهم غيرهم-فهم أصحاب الهمم العالية الذين يرفع الله درجاتهم بصبرهم ورحمتهم حتى بالمسيء.
وإن ظن الناس بهم الضعف بسبب رفقهم وكرم أخلاقهم فهم يصبرون على ظن الناس طلبًا لما عند الله فيرضى عنهم الله ويُرضي عنهم الناس.

المقال السابق

القادم بوست

أكتب تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

arالعربية