الحمد لله
- *يا رب كيف أحمدك والحمد منك تفضُّل وإحسان،
يا رب كيف أشكرك والشكر منك تحنُّن وإكرام،
يا رب لو قلت كم نعمةً فالنعم لا تُحصى حتى هان على البشر جزيل الإنعام فكيف السبيل للحمد يا رب، والحمد منك تفضل وإحسان. - *أرضًا مهدتها ولو شئت زلزلتها وخسفت بالخلق وأنت غير ظالمهم فلقد أنشأتهم من غير شيءٍ، والنشأة منك جودٌ وإكرام.
سماءً بنيتها فوقنا لو شئت أنزلتها كسفًا، وصفاؤها وجمالها نعمة أخرى والجميل من الجميل حسنٌ فوق إحسان. - *نجومٌ في السماء زاهرةٌ زينةً ورجومًا للشياطين،
شمسٌ ملتهبة في كبد السماء لو شئت أحرقتنا بنارها، لكنك جعلتها دفئًا ونورًا يبدد في الدنيا وحشتها، وضياءً لمن أراد المعايش
فالجود من رب الجود كرمٌ وإحسان.
- *بدرٌ في الظلمة زاهرٌ يرافق التائه والحيران، وجمالٌ لمن عنده نظر يبصر ويعشق ما هو حقًّا جميل
ولو لم يكن هناك ليل طويل راحةً للأبدان فماذا كانت تفعل الخلائق بعد طول عناء مع المعايش والأسباب.
لو شئت يا رب جعلته سرمدًا وأنّى للخلائق بضياء ونهارٍ مضيءٍ
وأنّى للعالمين من دون فضلك بهناءٍ
فكيف السبيل للحمد يا رب، والحمد منك تفضُّل وإحسان. - وهذا البحر يجري فوق الأرض زاخرًا بعِبر وعظاتٍ لمن يقرأ ويعي آيات سامية فهو يجري بماءٍ أجاجٍ بينما يجري بجنبه نهر عذب ماؤه سقيًا للخلائق فلم يزَل كل منهما يجري حيث يؤمر، وذاك المطر مَن ساقه مددًا وحياةً لأرضٍ مواتٍ، بعد ما ظن الخلائق ما لها من بقاءٍ.
*سبحان من علّم البشر كيف يستخرجون من البحر لحمًا طريًّا
ودرًّا زاهرًا، وأجرى عبابه فلكًا تحملهم ومتاعهم وما كان عليهم غاليًا
ليعرف الإنسان أرضًا جديدةً وبلادًا بعيدةً وأناسًا عديدةً.
ولو شاء الله أنضب الماء فلم يكن له منه رزق، أو أغرق أرضه فلم يكن له نسلٌ باق، ولو شاء منع المطر فماتت أرضه وكان حديثًا ماضيًا.
- *ردد البر ألا تحمد مَن ذلّل تربتي، وأخرج من سواد الطين زرعًا ناضرًا خضرًا، وجعل من النار في بطن الأرض لك وقودًا وجوهرًا، وساق الحياة للحي من جسدٍ بلِي وتوارى في التراب، ألا تلهج بحمده أن ترى الموت ينبت حيًّا، ولو شاء- عز جاره- قلَب ما على ظهرِي تحت الثرى.
- *ودوَّى الريح بنداءٍ عال: ألا تحمد مَن بفضله أجراني بنعمته بين البحور والأراضي، وجعل بين السماوات والأرضين هواءً ساريًا
ولو منع رِيحه أو حبس هوائه لهلَك خلقُه بلا توانٍ.
*وتزلزل قلبي لمّا سمعت الجبل ملبيًا يسألني: ألا تحمد مَن جعلني للأرض وتدًا عاتيًا وجعل صخري عتيدًا ما بقي يرتد عنه البحر، وكلٌّ منهم رفيقٌ لا يفترق، ولوشاء رب الكون سوّاني بتربته فتميد الأرض وتخرّ ضاوية.
*أحمدك يا ربي ما جرى البحر وتفجّر النهر وانتصبت السماء واستقرّت الأرض، أحمدك يا ربي ما جرت الريح وهطل المطر
ما أشرقت الشمس وطلع القمر ونبَت الحَب الأخضر.
*أحمدك يا ربي ما تلاقى الليل والنهار وسجد الظل وسبّحت الجبال والبحار والأشجار ووجدتني أعود حائرًا متسائلًا:
كيف أحمدك يا ربي، والحمد منك تفضُّلٌ وإحسان
كيف أحمدك يا ربي، والحمد منك تفضُّلٌ وإحسان
ولو لم تكن نعمك من حولي تغمرني، لكفاني ما أسديتَ من نعم في نفسي.
ألم أكن نطفةً ضئيلةً في رحم فخلقتني فسويت خلقي ونفخت فيَّ من روحك فوهبتني حياة من العدم وجئت بي إلى الدنيا وتعهدتني بعينك
التي لا تنام، وكنفتني بكنفك الذي لا يُرام، ألم تجعل تلك المضغة بين ضلوعي قلبًا نابضًا وملاكًا لجوارحي
أعقل به الدنيا وأسوّى به المعايش وأميز به بين الحق والباطل.
*ألم تجعل لي عينين تبصر نعمك، وأذنين تسمع ذكرك
وجعلت لي لسانًا ينطق بما يشعر به القلب
وما يحتاج إليه البدن، وجعلت لي يدين تذود عني وتتناول خيراتك،
ورجلين تمشي لحاجتي وتسير في طريق الخير
وجعلت مع ذلك كله طاقة تحركني، وعقلًا يدبر ويفكر ويختار
ويحكم على الأمور.
*فاستعنتُ بما أفضتَ عليَّ من نعمك في معصيتك
ولم أصُن ودائعك عندي فافتريتُ على قلبي ما لم ترضَه لي،
ومددتُ بصري لِما حرَّمتَ عليَّ، وأسمعتُ أذنيَّ ما كرهتَ لي،
وأجريتُ على لساني من الآثام والقبائح ما لا تقبله مني.
*منعتُ شكر نعمك فلم تَحرمني فضلك، ومنعتُ حمد ودائعك فلم تَحرمني رزقك، عصيتك في نفسي فلم تدمر عليَّ، وعصيتك على أرضك فلم تخسفها بي، وعصيتك تحت سمائك فلم تُطْبقها عليَّ، عصيتك في مُلكك ولم تضنَّ عليَّ بنعمك وأمهلتني وسُقتَ لي الفرصة بعد الفرصة، والحين بعد الحين لعلّني أعود وأنذرتني بالعقاب لعلّني أثوب وابتليتني بالمرض والأسقام لتطهرني من دنس نفسي فأتوب وأعذرتني بالخُطوب لعلِّي أعود وأفهم أنْ لا ملجأ ولا مهرب ولا ملاذ لي منك إلا إليك.
- *أنا يا رب الآن عائدٌ تائبٌ نادمٌ مقرٌّ بذنبي ومقرٌّ بفضلك
- *أنا يا رب الآن عائدٌ تائبٌ نادمٌ مقرٌّ بذنبي ومقرٌّ بفضلك
- بعدد كل لحظةٍ من عمري مضت ولن تعود
- بعدد كل نعمةٍ أكرمتني بها فجحدتُها ونسيتُ كيف أصونها
- بعدد كل خلقك الذين جهلتُ فضلك عليَّ فيهم.
- بعدد أوراق الشجر والحصى والرمل والمطر
- بعدد كل نعمةٍ في نفسي وفيمن حولي
- من كثرة تفضلك عليَّ اغتررتُ بها وظننتُها حقًّا لي لا يزول.
- *بعدد كل يومٍ أمهلتني إياه لكي أثوب،
*بعدد كل يومٍ أمهلتني إياه لكي أثوب،
وبعدد كل طاعةٍ قد قرّبتَها مني، وكل نعمةٍ قد سُقتَها لي، وكل سترٍ منك أسدلتَه عليَّ بعطف الغنيِّ الذي إذا أعطى لم يمنع وإذا أخذ لم يُفلت.
* يا رب لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد رضاك على الدوام
ولك الشكر كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك،
فهل يرضيك حمدي وشكري، فإن رضيت فكونك سقتَ لي أن أحمدك وأشكرك وأذكرك نعمةٌ يعجز عن حمدها وشكرها القلب واللسان.
دُلَّني يا رب كيف أحمدك، والحمد منك تفضُّلٌ وإحسان.
يا رب كيف أشكرك، والشكر منك رحمةٌ وإنعام.